Wednesday, June 23, 2010

شارع جانبي مفاجيء



النهاردة إكتشفت -ياللسخرية-  إني بقالي سنتين ونص ماشفتش غادة

آخر مرة شفتها كان يوم الخميس 20-12- 07 الساعة 9 ونص بالليل تقريباً
كان اليوم السابق لوقفة عيد الأضحي واتقابلنا في موقف شبين .(كان الطريق الزراعي مزدحماً  بكثافة، ما جعلني أفترض أنها جاءت في أوتوبيس وسط الدلتا السابق لأوتوبيسي مباشرة ونتيجة الزحام الهائل على الطريق لحقت بها في محطة الوصول)   
كان معايا شنطتين سفر (بدايات شحططة طالب جامعي بيدرس في مدينة بعيدة)  فكنت محتاج كرسيين، بصيّت في الميكروباص اللي طالع كان فيه كرسي واحد فاضي ولمحتها، بس ف الوقت ده كان نظري بدأ يضعف فماكنتش متأكد هل هي ولا لأ
(آااااااااااااااااه أتذكر ضربات قلبي المتسارعة وإرتباكي المفاجيء .كم كنت عاشقاً ساذجا بريئاً حدّ العَبَطْ
)

بعدت عن الميكروباص في انتظار اللي بعده و بوغتُّ بنزول غادة (إنها!!!!!!) من الميكروباص وإتجاهها ناحيتي
  كانت مشاعري متضاربة ومُشتَت التركيز، لا،بل  فاقد التركيز تماما .( ماكنتش شفتها من 4 شهور وكانت آخر مرة صدفة غريبة جدا حصلت نتيجة فيلم هندي بامتياز. كنت أنا وحسام حسن-صديقي- أبطاله .

كان أن ذهبت مع حسام  بطلب منه ومن أبيه - في يوم صيفي ابن كلب- إلى مصر الجديدة للإستفسار عن معهد سياحة وفنادق تابع لاكاديمية المستقبل كي يلتحق به حسام -وقد كان فيما بعد-.و بعد أسئلة كثيرة وإجابات خاطئة وفهلوية اكثر وصلنا المعهد . بعد معرفة المعلومات اللازمة وفي طريق  عودتنا في أحد اتوبيسات النقل العامة وعند غمرة بالظبط –حيث توقف الأتوبيس في أحد توقفاته المتكررة- طلبت منه النزول ." ناخد المترو.هتلاقيه ارحم م الاتوبيس ده". كنت واهماً بالطبع وكانت مرات ركوبي النادرة للمترو في خط "شبرا- الجيزة" - الأفضل نسبياً - دليلي الوحيد فيما قلته  فـ "المترو اوسخ ميت مرة " كما قال حسام أثناء ركوبنا فيه . بعد نزولنا مباشرة من باب المترو نظر حسام لساعته "أحا" وأتبعها بشخرتها الطبيعية اللازمة لإكمال أسلوب التعجب السمعي  البذيء ."لو كنا فضلنا في الاتوبيس كنا انجزنا كتير بدل مانروّح ف الولعة دي"كانت الساعة الثانية والنصف ظهرا والجو زفت ونسبة الرطوبة عالية ، وفي محاولة لتهدئته وإمتصاص غضبه عزمته على الغداء" والساقع كمان ياعم " .أكلنا في كافيتيريا متواضعة في شارع لامرئي تقريباً كنا قد وصلنا إليها بعد بحث وإبتعدنا نسبياً عن محطة المترو.
 في شارع جانبي أثناء عودتنا لموقف المظلات(لنأخذ مواصلة قصيرة لعبود ومنها لشبين)      رأيتُ غادة.


قلت لنفسي- وقتها-  أن السماء توليني عنايتها الفائقة
كانت هي. بمشيتها المعتادة وحجابها الأخضر الرائع  تمشي وسط بنتين في نفس سنها لم أتعرّف عليهم.
إلتقت عينانا
 تأكدت أنها غادة، وكانت أيضا الضربات المتسارعة العبيطة.

 بعد حسابات عقلية معقدة في ثواني الإقتراب "استناني ياحسام شوية" وذهبت تجاهها ،سلّمت عليها وعلى رفيقتيها.ثم بعض الكلمات والأسئلة المعتادة التي أعرف إجابتها مسبّقاً

إزيك؟
بتعملي إيه هنا؟
 دخلتي كليه إيه؟
.
.
.
مش عارف جالي منين شعور بيقول إنها زيي عايزة المحادثة تطول( بس مش في الشارع طبعاً) وكان الموقف كالتالي:

أنا :عايز- الأصحّ محتاج- اتكلم معاها ،وفيه جوايا رغبة مُلحّة إني أبوسها وسط الشارع  وأعمل يومي ببوستها
غادة : (زي حدسي الصحيح وقتها) عايزة تكلمني وتسترجع الألفة القديمة وتهرب من تحت سحابة الغضب الأسرية الواقفة كسدّ بينها وبين رغباتها. لكن مع التأكيد على هشاشة: رغبتها،مقاومتها
البنتين: متململين، من غير مايداروا شعورهم بغبطة غادة ،وإرضاء لذة التلصص على الآخرين في لحظاتهم المميزة
حسام: حسام كان صديق مخلص في الوقت ده وبان معدنه الأصيل . تردُّد نظري بين غادة والبنتين خلّاه ساب موقعه البعيد وتواجد في أرض الحدث وسحب البنتين بمهارة في حوار مرتجل كانوا شبه مهيئين ليه ومستنيينه

 رغم كل ده،  الرغبة في إطالة الحديث لم تكن متوافقة مع الظرف الزماني والمكاني وكأن القدر الساخر بيطلّع لى لسانه في آخر الفيلم الهندي

.
قفزة
.

المسافات الزمنية القصيرة دائماً ماتكون مسرحاً لحوادث صغيرة قد تغيّر مسار الحدث الاصلي المفترض وفي رواية أخري تلغيه من الأساس.وهو ده بالظبط اللي حصل.
في الثواني القليلة التي يستغرقها وصول غادة إليّ بعد نزولها من الميكروباص المتأهّب جاءتني ربتة قوية على كتفي من الخلف .وفي وقت متزامن إلتفتُ خلفي لأفاجأ باثنين من أقاربي- ليس لي علاقة قوية معهم- "السما بتدّيني قفاها" ، وإنعطفت غادة في إتجاه أحد الأكشاك المصطفة بالموقف." إذن ليس هناك من سبيل سوى البقاء مع هذين الغبيين وحقيبتيّ الأغبى".

مرّت أمامي كطيف صاخب في حضوره  يملأ مجاليّ النظر والرؤية. أيقظت مشيتها المائية الأثيرة بداخلي تفاصيل كثيراً ماهبلتني، وضغطت برهافة واثقة على مراكز الإحساس المؤلم في كياني (الذي بدا في تلك اللحظات الكثيفة هشيماً تذروه رياحها)

بين رغبتي الحادة  في أكلها- ببلوزتها الوردية الجديدة وبنطلونها  الجينزالأسمر الباهت- وتحقيق ذلك مسافة شاسعة، تمنيّت أن يكون تصرفها المباغت هذا خطوة في ردم تلك المسافة(يدخل في مجال تفكيري لحظياً أزمة الرجل الشرقي الأبدية في علاقته بالمرأة)
هي على الجانب الآخر من الطريق. السيارات بطيئة. نتبادل النظرات المتأمّلة -تقطعها السيارات- في حال 4 أشهر مضت بين لقاء ابن صدفة وأخيه 
عادت بعد ان اشترت أي شىء والسلام  وكنا - أنا ورفيقيّ القدريين-  في طريقنا لركوب أحد الميكروباصات . سبقتنا إليه .كان هناك حشد قليل قد تجمّع حتى اكتمل الميكروباص السابق .ركبت غادة في الكرسي الأخير"كويس" .ثمة تزاحُم على الباب .  الحقيبتان تعوقان حركتي.رفيقيّ ركبا وانا لازلت علي الأرض،و.. ...إكتمل الميكروباص.احااااااااااااااااا

حاذيت الميكروباص ونظرت  لغادة(كانت بجوار الشباك) نظرة بلهاء، أما هي فكان لديها مايكفي من خيبة الأمل كي ترتسم على وجهها  نظرة "مافيش فايدة"

...............................

دلوقتي -من غير إبتذال- باسترجع الفيلم الهندي المزدوج السابق وباشوف نظرة غادة الأخيرة  قدامي علي الشاشة أثناء الكتابة واضحة وضوح قاتل  كإطار مناسب لعلاقة مرتبكة متلخبطة .
باكتب و واعي بالحس الرومانسي المتناثر في الكتابة اللي باحاول أخفّفه بسخرية إكتسبتها بأخذ مسافة آمنة من زمن الحكاية (أو هكذا أعتقد)
 مشاعري متنعكشة،  وباحاول أقبض ع اللحظات المكثفة اللي ملت علاقة مدتها 4 سنين يمكن أعمل عقد أزيّن بيه رقبتي زي عقد المولود في سبوعه . ينام معايا العقد/اللحظات وأسترجع بكثير من الحنين المختلط بالسخرية المُرّة  أحداث متفاوتة في دراميتها وأختار ما يناسب مزاجي الليّلي لأصوغ منه -مع بعض اللعب- حلم مُسلّي أو حدوتة صالحة للحكي لطفل مشاغب قبل النوم        


Mo 21/6/10 

Wednesday, June 02, 2010

التنظير في السابعة عشر

لطالما أحببت أن يكون لي اصدقاء كثيرون، صالحون لمشاركتي الأحزان اليومية و وجع القلب وتأجيل موتي الشخصي ولا مانع من العمل كمهدئات مجانية آمنة(لاتفضي للإدمان) .نلعب معاً في المنطقة الرمادية الرحبة، نرّبي إحتمالات خضراء ليومٍ بعيد مأمول(ولو بنسبة شبه منعدمة)
 المشاركة في الهم تخفّف- إلى حد ما- من وطأته، وتجعل إحتمال زواله – بالنسبة للحالمين أمثالي – ممكناً. لكن الحياة بخييييييييييلة دائماً مع سائلها

"لا تطلبوا من الحياة شيئاً، اطلبوا في الحياة أشياءكم"
كتبت ذلك في السابعة عشر من عمري و الآن أقرأه وترتسم إبتسامة ساخرة – أعرفها جيداً – على وجهي. كم هو سهل التنظير في السابعة عشر. وكأن الأشياء ملقاة في الطريق تنتظر من يحصل عليها و "اللي سبق كل النبق"


23-4-2010