بعد يوم شهد تمشية ساعتين على البحر مع أجمل بنت في الكون، والكثير من الحكايات الصغيرة، والكلمات ال في آخرها بحر وطيور، وإستعادة أيام تستحثّ الذكرى المحتجزة في البيت الأول،،،،،، كنت أريد أن أكتب. ولكن أنا الآن مبسوط ومستعد لتأجيل الكتابة ليوم آخر خاطيء ربما أحتاج فيه فتح باب غرفتي السرّي والتنفّس أبعد من سقف يكثّف المسافة الخرساء.
لا يجب المحاولة أبداً
فى شيءٍ أخذ خسارته من نفسه حيث لا يمكننا مراعاه الجسد الميت، لا يمكننا إجتنابه..
استيقظت بعد الواحدة ظهراً بصداع خفيف. كنتُ صائماً ومبضوناً. لا رغبة
لدي في فعل أي شيء مما خطّطتُ له بالأمس أثناء عودتي في سيارة خالي بعد انتظار
ثلاث ساعات في موقف العاشر دون الظفر بسيارة أجرة تعيدني إلى شبين الكوم؛ ما تسبب
في تفويت مواعيد أدويتي التي إستحدثت بعد ليلة لم استطع النوم فيها من شدة الألم
الذي لم أكن أعرف مصدره إلى أن أعلمني الطبيب الشاب في مستشفى الغندور يوم الاثنين
الماضي "عندك حصوة في الحالب الشمال يا باشمهندس". بعد مغادرتي المستشفي
بنصف وعي لحالتي نزلت وسط البلد لمقابلة يارا وإعطائها الهارد ديسك، ثم ذكّرتني
بضرورة شراء الأدوية قبل عودتي للعاشر من رمضان. من ليلتها وأنا أواظب على أخذ
الدواء في مواعيده حتى كانت لخبطة مواصلات الأمس ولخبطة صيام اليوم.
فتحت فيس بوك دون هدف. تحدثت مع مُنى وهنّأتني بعيد الأضحى. (أنا أكره الأعياد
الدينية أصلاُ وخصوصاً عيد الأضحى حيث أينما ولّيت وجهي فثمة دماء حيوان مذبوح أو
أجزاء معلّقة في واجهات الجزّارين أو رائحة لحم مطبوخ تلاحقني في الشارع. هذا عيد
مقرف.)
بعد قليل تركتني مُنى لانجاز بحث دراسي يجب عليها تقديمه. كتبتُ لسارة:
كنت أريد فقط صباحاً خفيفاً فأدركتني ظهيرة فاترة لتخبرني بتفويت
ميعاد أدويتي، تنصّلت من إلتزام يعفيني من مطالبات أخرى ولم أظفر بمطر حقيقي إلى الآن. في الحلم كان الجو غائماً وشمس لا مرئية تصلني أشعتها، الماء بين
أصابعي يذكّرني بضرورة الهرب.
الذكريات لا تفي بطراوتها المشتهاة "والرحيل مناسب جداً للبقاء
بصورة أكثر ادهاشاً تصنعها مخيّلات الناجين"
لم اكن افكر بشيء حين كتبت ذلك. كنت في الحقيقة أريد بعث خطاب طويل لسارة كنت قد كتبته
قبل سفرها ولكن على الورق، وكنت أكسل من كتابته على الكيبورد حينذاك وحينئذ. يمضي اليوم
بفتور لا يساعد على الانجاز. اختلست ساعة لقراءة "مطر حزيران" حتى جاءت
عمّتي لزيارتنا فعاد اليوم لفتوره. أفطرتُ وحدي متأخراً حين انتهيت من إعداد
الطعام (بطاطس مقلية، جبنة كيري بالقشطة، فول، سلطة خضراء) وأفطر الباقون قبلي.
منذ فترة طويلة صرت لا أشاركهم الاكل طالما وجدت لحوم على مائدة الطعام. بعد
الافطار أخذت أدويتي وأردت بشدة تدخين سيجارة فكان قراري بالذهاب لشبين.
نزلت من الميكروباص في أول شارع السجن. اشتريت علبة "دنهيل أحمر" وحين
وصلت لكوبري عمر أفندي كنت قد دخّنت 4 سجائر. أشعل سيجارة من سابقتها وأكمل المشي
حتى الجامعة. ضجرت، فعدت.
شبين مدينة صغيرة تتصنّع البهجة ليلة العيد، أصغر من اللازم وأضعف من إثارة الدهشة
الليلية. في كلّ مرة أمشي فيها يزداد إحباطي حين ألاحظ زيادة الأبراج وتكدس
السيارات.
في طريق عودتي أمرُّ على إيروس eros فأدخله. أطلب اسبرسو دوبل، وأدخّن دون قدرة على التحكم في الافكار
اللاهثة بداخلي. أتابع الشارع من مكاني وأتعثر من جديد في زوايا صعبة. هاتفت أمجد
وجاءني صوته مشوشاً، أترك "حماقي" بداخل الكافية وأخرج لصخب الشارع فلا استطيع سماعه
أيضاً. أعود للكافيه. أخبر أمجد رغبتي في وجوده بجواري الآن. ربما تحادثنا كثيراً
واخبرته عن الشوارع الطويلة التي أركض فيها وراء أفكار غائمة وقرارات صعبة، وربما
جلسنا صامتين نتابع دوائر المياه النيلية تحت شريط القطار من مكاننا الذي يمكننا
من ملامسة النهر.
تكلّمنا حوالي ربع ساعة حتى نفذ رصيدي فطلبت شاياً بالنعناع، وأشعلت سيجارة. ..
..
..
أوقفت تاكسي. كانت الشوارع مزدحمة وبدا لي ذلك غريباً. نسيت فعلاً أن
"بكرة العيد يا باشا". المعلومة لا تريد أن تثبت في دماغي أو ربما أنا
غير مهتم أصلاً. العالم من مكاني بجوار السائق يبدو غريباً: كل هذه الأجساد،
السيارات، المحلّات، الملابس،،،،، تكثّف شعوراً بالقلق وعدم الأمان. وأدركت أنني
على شفا انهيار عصبي. حين وصلت لمجمّع المواقف كانت علبة سجائري فارغة، وصديقة
تهنّئني بالعيد هاتفياً.
عدت للبيت وألغيت موعداً مع أصدقاء "البلد". كان البيت نائماً عدا أخي
الصغير. تحدّثت مع سارة وماري عن رغبتي في الكتابة، عن رغبتي في البكاء لعدم
استطاعتي الشروع في الكتابة والامساك بخيط مكرونة واحد أتتبعه، وقرّرت أن أكتب من
جديد بعد أن أقصر الدخول للبلوج على عدد محدود من الأصدقاء.
·
*حين أعيد
قراءة ما سبق أجد أنني لم أكتب شيئاً مما كنت أريد كتابته