Sunday, December 30, 2012

قبل النوم، بعد الصحو

مشيت خارجاً
كنت أريد البكاء ولم أستطع
لا أعرف لماذا

Tuesday, December 04, 2012

على رفٍّ

ما من سلم تصعده إختياراتنا
هي فقط مرصوصة على رفٍّ
تنتظر القادرين على حسمها
يرتجلون طرقاً يتعثّرون بها
ويؤكدون على جدارة ما

Sunday, November 25, 2012

All for nothing

هذا المحيط لا يمكن قبضه
وكل ما بداخلك نزعته الريح
في ليلة شتوية طارئة
رأيت فيها أربعة جمال على الطريق الدائري
تشرئب بأعناقها لمجاوزة جانب سيارة النقل
وأسلاك متعانقة تهدر الموسيقى في أذنيك
فقط ضع مخاوفك جانباً
وستجد الطريق مفتوحة أمام رغبتك الوحيدة
في مؤانسة نجمة بعينها
تراها الليلة أوضح
أبداً، هناك وحيدون يتشاركون وحدتهم

أنت الآن تعوي وسط صحراء أدمنت مقامرة الخاسرين
والأصوات لا تصل أبعد من جوف بئر مظلم


لا أحد يجرؤ على إدانة رغبته
في الوقت اللازم لذلك
ليس هناك وقت لازم لفعل أي شيء
.
.
.

إلام تنظرالجمال على الطريق الدائري؟
ماذا تقول الأسماك في النهر؟

Tuesday, November 13, 2012

Jóhann Jóhannsson - An Injury To One Is The Concern Of All


من جديد

هل أنا صالح للحب أصلاً؟

أفكّر في علاقاتي السابقة (وهي ليست كثيرة بالمناسبة) وكيف كنت أُدخِل "الآخر" في إختبارات متتالية لإثبات شيء ما، أو لإدراك حدود الإحتمال بعيداً عن أكاذيب صغيرة وممتدة نرعي بها محبّتنا التي كنت أبحث عنها دون التأكد من رغبتي في العثور عليها
.
.
تقول صديقة أنني أريد الحفاظ على شبقي المجنون والمفتون بتقفّي أثر الطزاجة التي غالباً ما ينتهي أثرها قبل وصولي
.
.

صباح اليوم، قبل ميد تيرم دوائر إلكترونية متقدمة، في طريقي لحجرة زميل في سكن الطلّاب وجدت قطة صغيرة في المساحة الخضراء المحاذية لعمارات السكن، تلعق بلسانها الماء الطالع من ماسورة قصيرة. تلك كانت لحظة طازجة في بداية يوم مرهق. صدفة لا تدوم ثم تعود الحياة لسعيها الرتيب الذي لا يمنعني من طرح الأسئلة المؤرّقة، والبحث عن أوكسجين الرضا في ذاكرة خربة لا تتسّع للكثير من السعادة التي أردتها في أيام رديئة
.
.

كل تفكير في ردّ الصاع صاعين للحياة الفاسدة لا يفلح
.
.

Monday, November 12, 2012

هضاب ووديان

أجلس وراء مكتبة مبنى عميد المعهد، في منطقة النخيل، حيث هضاب ووديان صغيرة يتناثر بين أخضر حشائشها طلاب مختلفة أسباب وجودهم في تلك المساحة الخضراء المشمسة. ألقى نظرة عشوائية على أحدهم وإحداهن، هو يتحدث في الموبايل من مكانه على الحشائش وهي قد ابتعدت عنه قليلا وتفتّش في موبايلها عن شيء ما. أنظر وأفكّر في الهضاب التي نشرف منها على هضاب أخرى وسهول قريبة.
الهضاب التي نشرف منها على أعمارنا القصيرة ينهشها الوقت ويبهظها الإنتظار.

أجلس على هضبتي الحالية وأرى الهضاب السابقة. كل ما أريده تختصره إبتسامة ساخرة.

الصعود إلى الجبل يكون مرة واحدة فقط.

Friday, November 02, 2012


بترقيم حياتي؛ ستكون لك بداية موسومة بخطوات صغيرة في مفتتح العالم  قبل أن تتعثّر بنا الخسارة ونمضي أعمارنا في ملاحقة شمس مؤقتة لا تفي بوعود أنهكتنا بالإنتظار.

حينها كنت موقناً بقدرتي على الطيران مع العصفورة التي أبدأ بصوتها صباحات أجاهد الآن في تذكّرها دون الظفر بصورة حقيقية
كان الضحك سهلاً والعالم يسهُل تفصيله على مقاساتنا، وشموس نحفظها في بطوننا كبطيخة صيفي والآن في بداية الخريف لا أجد بطيخة واحدة أرطّب بها أيامي التي تغيب عنها شمس منتصف الليل. 


أين كانت الكارثة وقتذاك يا آية؟

Wednesday, October 31, 2012

لا أتقن ذاكرتي

كل مرّة تبدأ اللعبة بإقامة مؤقتة ترتحل في طرق غير معلومة

التحفيز فعل أوليِ والاستمرار ليس ذاتياً

مناطق جديدة لألم رابض وأماكن محتملة للسقوط








 أنا خائف

Sunday, October 28, 2012

27-10-2012



بعد يوم شهد تمشية ساعتين على البحر مع أجمل بنت في الكون، والكثير من الحكايات الصغيرة، والكلمات ال في آخرها بحر وطيور، وإستعادة أيام تستحثّ الذكرى المحتجزة في البيت الأول،،،،،، كنت أريد أن أكتب. ولكن أنا الآن مبسوط ومستعد لتأجيل الكتابة ليوم آخر خاطيء ربما أحتاج فيه فتح باب غرفتي السرّي والتنفّس أبعد من سقف يكثّف المسافة الخرساء.


لا يجب المحاولة أبداً


فى شيءٍ أخذ خسارته من نفسه
حيث لا يمكننا مراعاه الجسد الميت،
لا يمكننا إجتنابه..
 

الرحيل مناسب جداً
 للبقاء بصورة أكثر إدهاشا.. 
تصنعها مخيّلات النّاجين


النص بالأصفر لـ سارة

Image from Pierrot le fou (JLG, 1965)

Friday, October 26, 2012

ربما أنا غير مهتم أصلاً



استيقظت بعد الواحدة ظهراً بصداع خفيف. كنتُ صائماً ومبضوناً. لا رغبة لدي في فعل أي شيء مما خطّطتُ له بالأمس أثناء عودتي في سيارة خالي بعد انتظار ثلاث ساعات في موقف العاشر دون الظفر بسيارة أجرة تعيدني إلى شبين الكوم؛ ما تسبب في تفويت مواعيد أدويتي التي إستحدثت بعد ليلة لم استطع النوم فيها من شدة الألم الذي لم أكن أعرف مصدره إلى أن أعلمني الطبيب الشاب في مستشفى الغندور يوم الاثنين الماضي "عندك حصوة في الحالب الشمال يا باشمهندس". بعد مغادرتي المستشفي بنصف وعي لحالتي نزلت وسط البلد لمقابلة يارا وإعطائها الهارد ديسك، ثم ذكّرتني بضرورة شراء الأدوية قبل عودتي للعاشر من رمضان. من ليلتها وأنا أواظب على أخذ الدواء في مواعيده حتى كانت لخبطة مواصلات الأمس ولخبطة صيام اليوم.

فتحت فيس بوك دون هدف. تحدثت مع مُنى وهنّأتني بعيد الأضحى. (أنا أكره الأعياد الدينية أصلاُ وخصوصاً عيد الأضحى حيث أينما ولّيت وجهي فثمة دماء حيوان مذبوح أو أجزاء معلّقة في واجهات الجزّارين أو رائحة لحم مطبوخ تلاحقني في الشارع. هذا عيد مقرف.)
بعد قليل تركتني مُنى لانجاز بحث دراسي يجب عليها تقديمه. كتبتُ لسارة:

كنت أريد فقط صباحاً خفيفاً فأدركتني ظهيرة فاترة لتخبرني بتفويت ميعاد أدويتي، تنصّلت من إلتزام يعفيني من مطالبات أخرى ولم أظفر بمطر حقيقي إلى الآن.
في الحلم كان الجو غائماً وشمس لا مرئية تصلني أشعتها، الماء بين أصابعي يذكّرني بضرورة الهرب.
الذكريات لا تفي بطراوتها المشتهاة "والرحيل مناسب جداً للبقاء بصورة أكثر ادهاشاً تصنعها مخيّلات الناجين"

لم اكن افكر بشيء حين كتبت ذلك. كنت في الحقيقة أريد بعث خطاب طويل لسارة كنت قد كتبته قبل سفرها ولكن على الورق، وكنت أكسل من كتابته على الكيبورد حينذاك وحينئذ. يمضي اليوم بفتور لا يساعد على الانجاز. اختلست ساعة لقراءة "مطر حزيران" حتى جاءت عمّتي لزيارتنا فعاد اليوم لفتوره. أفطرتُ وحدي متأخراً حين انتهيت من إعداد الطعام (بطاطس مقلية، جبنة كيري بالقشطة، فول، سلطة خضراء) وأفطر الباقون قبلي. منذ فترة طويلة صرت لا أشاركهم الاكل طالما وجدت لحوم على مائدة الطعام. بعد الافطار أخذت أدويتي وأردت بشدة تدخين سيجارة فكان قراري بالذهاب لشبين.

نزلت من الميكروباص في أول شارع السجن. اشتريت علبة "دنهيل أحمر" وحين وصلت لكوبري عمر أفندي كنت قد دخّنت 4 سجائر. أشعل سيجارة من سابقتها وأكمل المشي حتى الجامعة. ضجرت، فعدت.

شبين مدينة صغيرة تتصنّع البهجة ليلة العيد، أصغر من اللازم وأضعف من إثارة الدهشة الليلية. في كلّ مرة أمشي فيها يزداد إحباطي حين ألاحظ زيادة الأبراج وتكدس السيارات.

في طريق عودتي أمرُّ على إيروس
eros فأدخله. أطلب اسبرسو دوبل، وأدخّن دون قدرة على التحكم في الافكار اللاهثة بداخلي. أتابع الشارع من مكاني وأتعثر من جديد في زوايا صعبة. هاتفت أمجد وجاءني صوته مشوشاً، أترك "حماقي" بداخل الكافية وأخرج لصخب الشارع فلا استطيع سماعه أيضاً. أعود للكافيه. أخبر أمجد رغبتي في وجوده بجواري الآن. ربما تحادثنا كثيراً واخبرته عن الشوارع الطويلة التي أركض فيها وراء أفكار غائمة وقرارات صعبة، وربما جلسنا صامتين نتابع دوائر المياه النيلية تحت شريط القطار من مكاننا الذي يمكننا من ملامسة النهر. 

تكلّمنا حوالي ربع ساعة حتى نفذ رصيدي فطلبت شاياً بالنعناع، وأشعلت سيجارة.
..
..

..
أوقفت تاكسي. كانت الشوارع مزدحمة وبدا لي ذلك غريباً. نسيت فعلاً أن "بكرة العيد يا باشا". المعلومة لا تريد أن تثبت في دماغي أو ربما أنا غير مهتم أصلاً. العالم من مكاني بجوار السائق يبدو غريباً: كل هذه الأجساد، السيارات، المحلّات، الملابس،،،،، تكثّف شعوراً بالقلق وعدم الأمان. وأدركت أنني على شفا انهيار عصبي. حين وصلت لمجمّع المواقف كانت علبة سجائري فارغة، وصديقة تهنّئني بالعيد هاتفياً.


عدت للبيت وألغيت موعداً مع أصدقاء "البلد". كان البيت نائماً عدا أخي الصغير. تحدّثت مع سارة وماري عن رغبتي في الكتابة، عن رغبتي في البكاء لعدم استطاعتي الشروع في الكتابة والامساك بخيط مكرونة واحد أتتبعه، وقرّرت أن أكتب من جديد بعد أن أقصر الدخول للبلوج على عدد محدود من الأصدقاء.

 
·         *حين أعيد قراءة ما سبق أجد أنني لم أكتب شيئاً مما كنت أريد كتابته


Thursday, October 25, 2012

وصية 1

لا تبحر في ذاكرتك قط
لا تبحر في ذاكرتك قط

صلاح عبد الصبور
نقرأ حياتنا في الروايات
ساخرين من أقدارنا التعيسة
نحيا بإستعارات مخاتلة
 ونستمر في لعبة مفروضة
كأطفال يداعبون بلورة سحرية
يلعبون بها كرة القدم
وربما مبارة كرة طائرة مرتجلة
البلورة تأتي وتروح
وأرجوحتنا لا تتوقف
"هناك محطة وصول"
أوه، لا تترك نفسك لأحلام اليقظة
الأرجوحة تتحرّك لا تزال
"أنظر، هناك آخرون مثلنا
أرجوحة، مركب، طائرة، طبق دوّار
،،،،،،،"
هنا ألعاب كثيرة
كون وافر لا يعرف الندرة النسبية
حتماً ستجد لعبتك هنا
وحين تجدها ستذهب إليها ولن تتركها
وسيعلمّك زملاؤك
 ألا تحاول أبداً تغيير مسارها
فالعواقب غير معلومة
إذا داهمك الملل فسيخبرونك
بلعبة أخرى تناسبك
تسير أيضاً في مسار معلوم
وكما سبق: لا تحاول تغيير المسار

 .......................................
يا أخوتي في الملاهي
لنلعب كثيراً
فالوقت سيخدعنا حتماً
وسنجد اللعبة تتوقف فجأة
لأن أحدهم (لا نراه) سيوقفها
هكذا
وبالطبع يجب أن نأخذ حذرنا
فأحياناً نسهو في اللعب
فتقتلنا اللعبة.
 5-2012

لا أريد



© Jindřich Štreit

Wednesday, March 28, 2012

ثمّة حنين خافت ،ولكنه مستمرّ، لصباحٍ قديم أجدني فيه مقبلاً على الحياة لا أخشى الخروج للعالم وكأنني أتهيّأ لمواجهة وحش في مستوى متقدم من أحد ألعاب طفولتي، صباح من فرط عاديته لا أستطيع كتابته ولكن يمكنني التعرّف عليه كما تتعرّف الأذن على النغمة الجميلة. ما الذي تغيّر؟ أين ذهبت الصباحات القديمة؟ ما الذي يصنعه العقل بنا؟ إنه يُفقِد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة. عزلة عنيدة و عزاء بائس. لا شئ تغيّر ؛ الصباح المكرر ذاته، مباغتة الصور المؤلمة، الوحدة القديمة والخوف والصمت الأخرس وأحلام اليقظة المرتجلة. لم يعد لي إلا الهباء، وإستدعاء الشغف القديم. كيف يمكنني إجتثاث الوحدة؟ ربما يكون من المفيد لي الآن الدخول في مجال مغناطيسي قوي قادر على إختراق أنسجتي وتصفيتي من ترسّبات الأزمنة الكثيرة التي عشتها. كأن يستطيع الوصول إلى ذكرى رصاصية صدئة رابضة في أحد أركان لا وعيي (تلك الذكريات التي تخرج لسطح الوعي في لحظات غير مناسبة على الإطلاق) وجذبها بالقوة الكافية لإطلاقها خارج مجالي وبالتالي نسيها تماماً. كيف يستطيع الواحد تعديل أرشيف ذكرياته وصنفرة لا وعيه وإزالة الشوائب العالقة به؟

Tuesday, March 06, 2012

There's no sea at all


ممسكاً بجريدة الصباح
:أجلس على الشاطيء، وأقول
Hey dude, what's up?

ما حدث بالأمس
سيحدث اليوم
وسيحدث غداً
المتناقضات واحدٌ
ولكن الإنسان يحاول صرف الملل بتغيير الأسماء؛
كمن يحاول إنهاء الكوابيس بتغيير مكان السرير

صباح الخير أيها العالم
ما لم يحدث اليوم سيحدث غداً أو بعد غد
فالإنسان لا يكفّ عن تكرار تاريخه
وتجرّعه في مواعيد ثابتة
تماماً كشُربي لكوب النسكافيه الصباحي
بمرور الوقت يصبح التعوّد شرّاً لا بدّ منه
ويظهر الإرتجال كحلّ موسمي


ثم إنّ
"There's no sea at all."

20-2-2012

Monday, February 27, 2012

المنوفية: محاولة للخروج

كثيراً ما يحدث
أنسلّ عنها وأصير خفيفا؛ً
 فتتبعني في طرقاتٍ بعيدة
كسحابة سوداء تدلّ عليّ
وزملائي مداومون على تذكّيري بها
ربما في محاولة للتأكيد على عنصريتهم
وإخفاء آثار ندوب أبنائها
على تاريخهم المُترهّل.
تفجؤني في أوقاتٍ باهرة بوجودها
كأن تجلس في المقعد المقابل
تخرج لي لسانها:
إذهب حيث شئت فأنا سماؤك
لن تهرب منّي أبداً
أنا عَتمتُك الشاسعة
أتوّجك بظلالي الكثيفة

قلتُ لصديقتي السَكَندريّة
حين سألتني عنكِ
"المنوفيّة بصمةٍ حديديّة
أحملها على ظهري
وتُرجيء طيراني المُرتجَى."

أنا لا أكرهك يا مدينتي القَدَريّة
فلقد تورّطتُ في لعبة الحنين؛
فقط خفّفي الأصباغ،
واحتفظي بنباتاتك يانعةً
قبل أن تُلقى في طرقات غريبة
لتفسدها رياح الجنوب،
وتُفسد رياح الجنوب نفسها
لاحقاً في مواسم التزاوج.
ربما حينها فقط
يحتفظ لكِ الجنوب بذكرى حلوة
عن أرض خضراء تحتشد بها مائدته
يزورها في الأعياد
ويعلّق لوحاتها الرخيصة على حائطه
أرض قريبة لا يخشى
أن تقتحم عليه مدنيّته
الرخوة التي يعتز بها كثيرا.ً
أنتِ الفلّاحة فاذهبي لمساحتك الخضراء
وفي هذا خيرٌ كثير؛
لتكوني حجّة على الجنوب في خيباته القادمة
وحجّة عليّ في خيباتي البعيدة عنك
المُهمّ أن يجرّب الجميع خيباته في غيابك.
 8-2011

Wednesday, February 22, 2012

عن التاريخ والأنبياء وولاد الوسخة



الكلام زاد الساسة ومحرّكي الجماهير من وراء الأستار. الحيلة تكمن دائماً في السيطرة على الجماهير الساكنة والسائرة دون هدف بكلام يحتمل التأويل ويبقى المعنى في بطن القائل، أما الحقيقة فليست سوى التأويل الذاتي الذي يرغبه من يقف وراء الستار؛ فتصبح الحقيقة شيئاً ما في فترة ما وشيئاً آخر في فترة أخرى ويضيع المعنى وسط طوفان الكلام العائم ويصير غريباً من يطرح تأويلاً آخر لنفس الكلام. كلام كلام كلام كلام كلام كلام
أدركتُ مبكراً معنى أن تكون نغمة مغايرة وسط لحن رتيب. الإدراك مؤلم وعواقبه سهلة القدوم وشديدة الفاعلية؛ تستطيع أن تستنشقها في كل خطوة على هذه الأرض الغريبة (؟) وربما داهمتك في عزلتك فيصير العالم/عالمك كبحيرة ساكنة رُشّت بمادة ملوّنة فاستعمر اللون المياه

الجميع في اللحظة الراهنة؛ لحظة الثورة والفوران، اللحظة الفارقة كما يردد الكثيرون، لحظة التحولات التي تنتظر من يمسك بها أولاً، يجذبها لملعبه ويمتطي التاريخ. يلعب بمسار التاريخ لحظة ثم يصبح جزءاً من نسيجه المتجانس في تنافره. الجميع يؤكد على أن التاريخ سيأخذ مساره الطبيعي (؟)؛ دورنا فقط هو إزالة العوائق من أمامه.  الكلّ على إختلاف إنتمائه [الأيدلوجي] يردد هذا الكلام. لكن من يملك الحقيقة؟ لا أعرف.

"لقد تغذّينا على الأوهام حتى تُعيننا على إستكمال الحياة."

الذاكرة إنتقائية. وحتى لو لم تكن كذلك فذاكرة الساسة [ومريديهم من ولاد الوسخة] إنتقائية بالضرورة؛ فهم يبتعثون لحظة شاردة في التاريخ الممتد ويبنون عليها خطابهم السياسي فيصبح الماضي هو تلك اللحظة بالذات ويصبح المستقبل هو إعادتها، يصنعون تاريخاً مُرقّعاً، وكلّه بالديمقراطية.
لحظة+لحظة+لحظة = تاريخ
وولاد الوسخة يعرفون المستقبل جيداً، لأن صورته موجودة عندهم. فالماضي كما يريدون أن يعرفوه هو نفسه المستقبل كما يرغبوه. حياة تكرارية رتيبة، فأين الخيال يا ولاد الوسخة؟

الألم عند هؤلاء التكراريين ناتج عن عجزهم عن التكرار؛ أما ألمي فناتج عن إنتفاء العكس: الإختلاف والسفر بين اللحظات المتغيّرة. ربما كانت هناك لحظة نادرة في تاريخنا المليء بالندوب يروق لي أن أحياها فترة، فهل الندرة والتفرّد عيباً إنسانياً أو سياسياً؟ أم أن العملية السياسية تقوم على مبدأ الندرة النسبية؟ أم أنني أسأل السؤال الخطأ أساساً؟

الأنبياء [وكل الرائين] يتوقون لخلق لحظة جديدة في مسار التاريخ (لاحظ إختلاف الأديان) رغم أنهم -حسب الميثولوجيا الدينية- مُكلّفون من إله واحد. يقول لي صديق أن هذه الفكرة قد تذهب إلى القول بوجود صراع آلهة أو إله مِزاجي: إختلاف اللحظات المرغوبة هو إختلاف مِزاجي، ولكن لندع هذا الطرح جانباً الآن حتى لا نُتهم بازدراء الأديان :). لنعود لفكرتنا الأساسية؛ الأنبياء إستولدوا لحظاتهم المغايرة في أوساط تكرارية تتعيّش على التشابه الأزلي وإنبساط التاريخ كطريق يبدأ من لحظتهم الآنيّة، التاريخ عندهم يبدأ من الحاضر ولم يدركوا (أو تعمّدوا ذلك) أن التاريخ يبدأ من لحظة ماضية، غير محددة لم يعرفوها ولم يحاولوا؛ ربما خوفاً من إدراك يبعث في نفوسهم الشكّ فيضعون حياتهم على ميزان أعمى. الحقيقة أنني أجد في نفسي تعاطفاً نسبياً تجاه هؤلاء البشر حين أفكّر في لحظة الوعي التي تغمرهم بنصاعتها فيدركون أنهم مجرّد نقطة في محيط لن يستطيعوا –مهما حاولوا- إدراك حدوده، ستكون ثوابت حياتهم محض إحتمال. لذلك كان من الأسهل أن يبدأ التاريخ من اللحظة التي وجدوا فيها وليس العكس، وعندئذ يمكنني تفهّم عذاب الأنبياء والرائين. إنهم يهدمون بمعول قاس في حركته كل التاريخ الذي عرفه أقرانهم في تلك اللحظة التاريخية فضلاً عن العصف الذهني الذي يسببه التعاطي مع هكذا أفكار جديدة. أستطيع، بقليل من التجاوز، القول بأن الإنسان يرتاح للبديهيات المتوارثة دون التثبت من صدقها؛ درءاً لوجع الدماغ ربما. وحين تتجرّأ تلك الفئة القليلة المُعذّبة (دائماً هناك فئة مُعذّبة وقليلة) على الخوض في إمتحان تلك البديهيات فإنها تدخل في حقل ألغام قد لا تستطيع عبوره إلى الشاطيء الآخر.
ومن سخرية القدر أنه إذا ساعدت "أحدنا" إرادته وعبرت به إلى الشاطيء الآخر فإنه لا يهنأ أبداً بمكانه الجديد لأنه سيكون وحيداً، تلاحقه صيحات تأتي من وراء حقل الألغام، فإما يعود إلى ما وراء حقل الألغام (مع الأخذ في الإعتبار إحتمال أن يودي لغم ما بحياته في طريق العودة) أو البقاء وحيداً منبوذاً على الشاطيء وهنا يصير الشاطيء الآخر مكاناً ملعوناً هو الآخر.


كل الكلام كالمياة بين الأصابع، فما العمل يا مُنى ؟

 11-2-2012


اللوحة ل: Jordan Gray

Tuesday, January 17, 2012

.أضعتُ الليّل نائماً
.كان نوماً دون أحلام
 ولتخفيف الأسى؛ واعدت نفسي على تحفيزها على الأحلام متذكّراً كلام صديقتي الرومانسية: الأحلام معبد الأمل
صديقتي بريئة، لكنّها تزوّدت بحكمة السراب دون التحرّش بالحياة بالقدر الكافي لتدرك أنّ عملي بنصيحتها قد يتعارض مع رومانسيتها الطازجة دوماً
 ولأنني أدركتُ مبكّراً العبث الكامن في الأحكام الحتميّة تخلّيت عن تحفّزي السابق تجاه أحلام اليقظة وخطورة التجوّل بداخلها متذكّراً كلام صديقتي في لقاءنا الأخير حين قالت بحكمة الشيوخ: حنينُنا مُطالَب بتأمين الذكريات